تحتضن القليوبية المئات من المساجد التاريخية والأضرحة الشهيرة لأقطاب الصوفية، تمتد بطول وعرض المحافظة، من قليوب إلى بنها مروراً بالخانكة وشبين القناطر وطوخ، يقصدها آلاف المريدين فى أيام وليالى رمضان، لأداء الصلاة بها، وسعياً للتبرك بـ«صاحب المقام»، وسط أجواء روحانية تخيم على المصلين الذين يتجمعون داخل المساجد، التى تتزين لاستقبال الشهر الكريم، بعد تزويدها بمجموعة من أشهر المقرئين والمنشدين، الذين يُحيون ليالى رمضان بتلاوة آيات الذكر الحكيم، والأناشيد الدينية.
فى مقدمة هذه المساجد، يأتى مسجد «الأشرف»، فى مدينة الخانكة، نسبة إلى مؤسسه «السلطان الأشرف برسباى»، أحد سلاطين المماليك، فى عام 1437 ميلادية/831 هجرية، وهو من المساجد الأثرية المهمة فى القليوبية، كما يُعد تحفة معمارية تشهد على عظمة العمارة الإسلامية، ويتكون المسجد من مصلى فسيح، تضىء الشمس جميع جوانبه، وتطل واجهته الرئيسية على الطريق الرئيسى، وعادة ما يستقبل المسجد وفوداً أجنبية من الهند وباكستان، ومنهم من يأتى للصلاة وعقد حلقات الذكر داخل المسجد، كما تحرص كثير من تلك الوفود على زيارة الضريح الملحق بالمسجد.
وتشتهر الخانكة بأنها «معقل أولياء الله الصالحين»، حيث يوجد بها عدد كبير من الأضرحة، التى يقصدها الآلاف من أتباع الطرق الصوفية المختلفة، ويتردد أن المدينة اشتق اسمها من كلمة «خانقاه»، أى مكان التعبد والتصوف، ومن أهم المناطق بها «جبانة الخانكة»، التى تحتوى على 15 ضريحاً، وتم تسميتها بهذا الاسم نظراً لوجود العديد من المقابر التى أنشأها أهالى المنطقة بجوار الأضرحة تبركاً بأصحابها.
وفى قليوب، يأتى مسجد «سيدى عواض» فى مقدمة المساجد الأثرية التى تكتظ بالمصلين فى ليالى رمضان، وتعود تسميته إلى كبير قضاة قليوب فى عهد السلطان «قايتباى»، وكان رجلاً متواضعاً، له كثير من الأتباع والمريدين، يحفظون أحزابه وأوراده، وبعد وفاته، أقام له «الشواربية» ضريحاً، وتولوا رعايته، ويحتفظ أحد أفراد العائلة، يُدعى «زاهر الشواربى»، بلوحة تأسيس المسجد، ويتم الاحتفال بمولده فى شهر ذى القعدة من كل عام، فى الضريح الملحق بالمسجد، ويقصده المئات من الرجال والنساء يومياً طوال شهر رمضان.
وتضم مدينة قليوب عدداً من المساجد الأثرية الأخرى، وأكثر من 13 ضريحاً، يقصدها العامة والمتصوفون، منها مسجد «الظاهر بيبرس»، الذى يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 672 هجرية، حيث قام السلطان «بيبرس» ببنائه، وهو صاحب النصر الأكبر على «المغول»، فى معركة «عين جالوت»، كما تحتضن قليوب أيضاً مسجد «محمد سالم الشواربى»، الذى يعود للعصر العثمانى، أنشأه شيخ «الشواربية» سنة 1239 هجرية، 1818 ميلادية، ويتميز بمئذنته المصممة على طراز العمارة العثمانية.
وفى مدينة طوخ، يأتى مسجد «الأوقاف» الشهير بقرية «مشتهر» على رأس المساجد التاريخية التى تصدح بصلاة التراويح فى ليالى رمضان، ويعود تاريخ إنشاء المسجد للعصرين العثمانى والمملوكى، ولكن الكتابة التى وجدت على باب المنبر تدل على إنشاء المسجد فى عهد «الخديوى إسماعيل»، خامس ملوك أسرة «محمد على»، بالإضافة إلى المسجد «العمرى»، الذى بناه «الخديوى عباس حلمى الثانى»، سنة 1898، وهو ابن «الخديوى توفيق»، ويقال إن تسمية المسجد بـ«العمرى» مشتق من اسم أحد الصحابة، الذين قدموا مع «عمرو بن العاص»، أثناء فتح مصر، ومن أشهر أئمة هذا المسجد فى العصر الحديث، الشيخ «أحمد سلامة بركات»، الذى قام بأدوار دعوية وتربوية وإصلاحية كبرى، من خلال المسجد.
وتحتضن طوخ عدداً من الأضرحة التى تعود إلى بعض أقطاب الصوفية، أشهرها ضريح «العليمى»، الذى يقع فى قلب المدينة، ومقام «سيدى حسن العراقى»، وسط منطقة زراعية، ويتردد أنه جاء من العراق ومات ودفن فى نفس المكان، ويقصده عدد من المريدين وأصحاب الحاجات، كما يوجد مقام «سيدى الأربعين» فى قرية «الحصة»، وهو عبارة عن ساقية مهجورة، يحكى أن 40 من الأولياء والصالحين ماتوا فى ذلك المكان، ويقصده كل من يريد فك السحر، أو جلب الرزق، أو طلب الزواج أو الإنجاب، وغالبية زواره من النساء.