عدت بذاكرتي الي أكثر من 45 سنة عندما تعرفت علي صديقي الراحل الشيخ جلال أبو سنة .. و كان التعارف في مسجد الفرنواني بعد أداء صلاة الفجر التي احرص علي ادائها حتي اليوم و لكن للاسف أؤديها حاليا في البيت لظروف صحية..
نعود لصديقي جلال رحمه الله الذي ربطتني به صداقة عميقة و قوية حتي فرق الموت بيننا منذ سبع سنوات تقريبا.. و لنا ذكريات كثيرة سيأتي ذكرها في حينه..
و لكن أذكر حاليا من أرشيف الذاكرة أن صديقي كان يعمل في شكرة اسكو للغزل و النسيج بشبرا الخيمة و كانت هذه الشركة تضم تسعة مصانع و كانت من اكبر الشركات في هذا المجال علي مستوي الجمهورية وقت ازدهارها حيث كانت شبرا الخيمة من اكبر المدن الصناعية بعد المحلة الكبري حيث كانت تضم أكثر من الف و خمسمائة مصنع و شكرة صناعية و لهذا كانت شبرا الخيمة مدينة جاذبة للسكان و كانت تستوعب العمالة من ابنائها و من أبناء المحافظات الاخري..
اعود مرة اخري لصديقي جلال الذي كان يدرس في مدرسة ثانوي صنايع و هو يعمل و متزوج و يعول.. كان يكبرني باكثر من عشر سنوات و كنت وقتها طالبا في الثانوية العامة.. و بعد معرفتنا كان يأتي الينا في بيتنا ايداكر معنا و كنت أشرح له مادة الرياضة و كان سعيدا بشرحي..
و توطدت العلاقة و حصل جلال علي دبلوم الصنايع و مرت عدة سنوات و رشح جاال نفسه في انتخابات مجلس ادارة شركة اسكو.. و اصطحبني معه في جولاته الانتخابية و زرنا المصانع التسعة التابعة للشركة و تعرفت علي اشياء كثيرة خلال تلك الجولات و استفدتمنها.. كان وقتها العمال يعملون بجد و اجتهاد و ينتجون و يعتبرون ان هذه المصانع ملك لهم و كان حبهم لبلدهم يترجم الي افعال و ليس اقوال فقط..
كانت الحركة العمالية مزدهرة و المنتجات المصرية في اعلي جودة..
و تمر السنوات و يأتي زمن الخصخصة و المصمصة و يعم الخراب لشركة اسكو و تتفرغ من عمالها و تباع المعدات و الماكينات خردة و تلاع اراضي الشرة التي كانت تيتوعب اكثر من عشرة الاف عامل..
و يقاس علي ذلك مئات بل الاف المصانع و الشركات و الخراب الذي اصاب مصر.. فلا تستغرب من وجود الملايين من العاطلين و انتشار الجرائم المفزعة و انتشار الفوضي و اللامبالاة و ضياع القيم و المبادئ و انتشار الرشوة و الفساد..
رحم الله صديقي و هنيئا له لانه في مكان أفضل.. و حسبنا الله و نعم الوكيل في كل مسئول اتخذ سياسات خاطئة جلبت الخراب و الدمار لهذا البلد العريق.