جرت العادة أن تجتمع العائلات المصرية حول مائدة واحدة لتناول وجبة الإفطار خلال شهر رمضان الكريم، خاصة مع حلول أول أيامه، حيث تجتمع العائلة كاملة للاحتفال فى «بيت العيلة» ولكن لظروف العمل يحرم عدد من الأفراد من حضور هذا التجمع السنوى ويضطرون لحضور إفطار جماعى أيضاً ولكن فى المكتب بصحبة زملائهم.
يروى بعض من أصحاب المهن المختلفة ظروف عملهم وإفطارهم خلال ليالى رمضان، منهم نشوى قاسم، ٢٦ عاماً، وتعمل «كول سنتر» فى إحدى شركات الاتصالات، اعتادت نشوى منذ ٣ سنوات على الإفطار خارج المنزل فى أول يوم رمضان، بسبب طبيعة عملها، وتقول: «الموضوع بيضايق، وأول سنة كانت صعبة خصوصا إننا كنا متعودين أول يوم نتجمع عند جدتى».
طول المسافة بين منزل نشوى ومقر عملها كان سببا لأن تفضل الإفطار فى المكتب عوضا عن الوصول بعد العشاء إلى المنزل، ولا تنسى نشوى أول مرة أخبرت فيها والدتها بأنها لن تجتمع معهم على المائدة فى أول يوم رمضان، وتقول: «ماما ساعتها عيطت، بس أهو بعد تالت رمضان ابتدوا يتعودوا إنى مكنش موجودة».
تضطر أسرة نشوى إلى تأجيل التجمعات العائلية الكبيرة فى أيام إجازتها حتى يتسنى لها الحضور، وتضيف: «طبيعة شغلنا صعبة ووحشة جدا، الناس كلها بتخلص شغل الصبح وتروح، لكن إحنا مواعيدنا غريبة وبتفوت علينا مناسبات كتير لازم نكون حاضرينها».
وداخل أحد المطاعم، يقدم محمود طلعت الطلبات لزبائنه، فى المكان الذى يعمل فيه منذ خمسة أعوام، لا يشعر خلالها الشاب العشرينى بروح التجمع ودفء الأسرة فى رمضان، فمواعيد عمله تلزمه بالإفطار فى المطعم خلال شهر رمضان، يقول طلعت: «أحلى وقت بيكون لمة رمضان، بس للأسف شغلى حارمنى منها، لكن لقمة العيش بتحكم». ومن تقديم الطلبات داخل المطعم لتوصيلها للزبائن فى بيوتهم يتنقل أحمد جلال بين الشوارع، ليمارس عمله كـ«ديلفرى»، يعمل جلال فى هذه المهنة منذ عامين، ويقول: «ده أول شغل ليا، والسنة اللى فاتت فطرت مع أهلى، والسنة دى إتجوزت ومش هعرف أفطر مع مراتى، وطبعا هى مضايقة وأنا كمان، بس هنعمل إيه بقى، هعوضهالها فى السحور».
وتأتى مهنة الصحافة ضمن قائمة المعذبين فى ليالى رمضان، فبحكم مواعيد العمل و«الشيفتات» يضطر العديد من الصحفيين لتناول الإفطار فى مواقعهم وجريدتهم أو القناة التى يعملون بها، منهم مصطفى الجرتلى، الصحفى بقسم الرياضة فى موقع «يلا كورة». بالإضافة لعمل الجرتلى، ٢٦ عاما، كصحفى وطبيعة عمله التى تفرض عليه فى أوقات كثيرة أن يتناول إفطاره فى المكتب، إلا أنه مغترب، لذا ينتهز فرصة «الشيفت» ليكون مع أصدقائه يأكلون سويا ويشعر بروح التجمع، يقول: «فكرة إنك تفطر لوحدك خالص دى صعبة أوى».
ترك الجرتلى محافظته الإسكندرية منذ ٩ سنوات ليلتحق بالجامعة، لكنه كان يحاول السفر لأهله فى رمضان، ليكون بين الأسرة وقت الإفطار، يقول: «بعد ما بقيت أفطر فى الشغل، كان أهلى بيتصلوا يطمنوا أكلت إيه وهعمل إيه، بس خلاص دلوقتى اتعودوا».
يفتقد الجرتلى التجمع مع أسرته أول يوم رمضان، ويقول: «كنت عايز أسافر رمضان ده أفطر معاهم، بس جدول رمضان فى الشغل نزل، وهكون أول يوم شيفت ليل وهفطر فى المكتب».
مباشر القليوبية