رحلة البحث عن سرير بـ«العناية المركزة» مأساة حقيقية يعيشها مواطنى القليوبية الذين دائما ما يخوضون رحلة عذاب بحثا عن سرير لإنقاذ حياة شخص من الموت المحقق ربما يكون أبا أو أما، أو طفلا أو صديقا عزيزا.
و محافظة القليوبية تعانى من نقص شديد فى أقسام وأسرة العناية المركزة بالمستشفيات المختلفة سواء التابعة لوزارة الصحة أو جامعة بنها، أو الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية أو التأمين الصحى أو المراكز الطبية المتخصصة، بخلاف ضعف الإمكانيات المتوفرة بغرف العناية، ما يتسبب فى وقوع المرضى ذوى الحالات الخطرة والطارئة، فريسة للمستشفيات والمراكز الخاصة، أو الموت.
المحافظة التى يصل تعداد سكانها نحو ٥ ملايين نسمة، بها ٢١ مستشفى حكومى، تضم نحو ٣٠٠ سرير عناية مركزة، تختلف عن بعضها فى نوعية وحجم التجهيزات، مقارنة بأضعاف هذا العدد فى المستشفيات الخاصة، رغم وقوع القليوبية فى موقع جغرافى متميز يدفع المرضى بمحافظات الشرقية والمنوفية والدقهلية، يتجهون إليها للمعالجة ما يتسبب فى زيادة الطلب على العناية المركزة.
الحصول على سرير غرفة عناية مركزة فى أى مستشفى أصبح ضرباً من الخيال، ويحتاج لوجود وساطة أو معرفة مسبقة بأى من قيادات أو موظفى مستشفى الجامعة أو التعليمى حتى يمكن إدخال أى مريض وفى حالة عدم القدرة على الحصول على سرير فى مستشفى حكومى، لا يجد أى مواطن سوى اللجوء إلى المستشفيات الخاصة ما يتطلب دفع نحو ٢٠ ألف جنيه للحصول على مكان.
رصدنا أشكالاً متعددة لما آلت إليه بعض مستشفيات المحافظة، حيث يقوم مئات المرضى يومياً برحلة «كعب داير»، للبحث عن سرير بالعناية المركزة، دون جدوى، فى الوقت الذى يبذل فيه بعض مسؤولى وزارة الصحة والمستشفيات المختلفة والتنفيذيين جهوداً فى حدود المتاح، للنهوض بالخدمة الصحية.
وفى مستشفى بنها التعليمى، لايزال الخلاف بين الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية، ومقاول تطوير المستشفى الذى يخدم نحو ١٥ مليون مواطن، مستمرة منذ عام ٢٠٠٤، حيث تم تقسيم المبنى طيلة أكثر من ١٢ عاماً، بين الإدارة والمقاول الذى كان يضع يده على أكثر من ٥٠% منها، ما عطل العمل داخل نحو ١٠ أقسام حيوية، حتى صدر قرار المحافظ الأسبق بإخلاء القسم بالقوة.
ولا يختلف الوضع فى المستشفى التعليمى كثيراً عن مستشفى الجامعة حيث يوجد ٢١ سرير عناية فقط، وحسب أحد الأطباء الذى رفض نشر اسمه، فإن منهم ١١ سريراً فقط من الـ٢١ تعمل، لعدم وجود تمريض متخصص يكفى لهذا العدد من الأسرة.
أما الوضع فى مستشفى طوخ المركزى، فهو أكثر صعوبة حيث يوجد به ٨ أسرة بسبب نقل المستشفى إلى الوحدة الصحية فى قرية العمار وتم توقف العناية المركزة لحين الانتهاء من عملية الإحلال والتجديد.
ويقول الدكتور عبدالعاطى الغنيمى، مدير عام المستشفى، إن عدد أسرة العناية المركزة وصل لـ٣٤ سريراً، بعد أن كان ١١ فقط خلال الأزمة بين المستشفى والمقاول، هذا فى الوقت الذى يعد فيه أكبر وأقدم المستشفيات بالمحافظة.
وتغير الحال فى المستشفى الـتأمين الصحى ببنها الذى ظل يعمل بـ ٤ أسرة عناية قرابة ١٤ عاماً، وهو ما ضاعف الطلب على أقسام العناية بالمستشفيات الأخرى، التى لا تكفى المواطنين العاديين، بسبب خلاف آخر مع مقاول تنفيذ المستشفى الجديد الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً.
ورغم أن مستشفى بنها الجامعى هو الوحيد حالياً الذى يتحمل أكبر عبء طبى بعد المحاولات المضنية من قبل الإدارة بوضع خطة شاملة لتطويره، خاصة أن بها نصف عدد أسرة العناية على مستوى المحافظة تقريباً، وحسب الدكتور السيد القاضى، رئيس جامعة بنها إنه تم علاج ٣١ ألف مريض بمستشفيات جامعة بنها فى ديسمبر الماضى فقط.
واستعرض مجلس جامعة بنها فى اجتماعه تقرير العمل بالمستشفيات والذى أكد أنها استقبلت ٣٠٩٨٤ مريضاً خلال ديسمبر الماضى منهم ١٤٧٨٧ استقبلتهم أقسام الاستقبال المختلفة و١٥٦٤٢ مريضاً ترددوا على العيادات الخارجية وتم حجز ٤٢١٣ مريضاً وإجراء ٢٣٧٥ أشعة مقطعية بخلاف ٢٨١٨ أشعة فوق صوتيه و١٦٢ رنينا مغناطيسيا و٣٨٦١ أشعة عادية و٢٥٤٤٥ تحاليل طبية.
ويطالب القاضى بضرورة بذل مزيد من الجهد لأن ما تقدمه المستشفيات للمواطنين يعد أحد أهم وظائف الجامعة فى خدمة مجتمعها.
من جانبه قال الدكتور محمد إبراهيم، مدير عام الرعاية المركزة بمديرية الصحة، إن عدد الأسرة التى تعمل حالياً ٨٤ سريرا بمستشفيات وزارة الصحة، مؤكدا أن عددها سيرتفع خلال ٤ أشهر لـ١٣٠ سريرا بعد الانتهاء من إنشاء مستشفيات كفر شكر وقها والقناطر الخيرية.
وأرجع إبراهيم الأزمة فى ارتفاع الطلب على العناية المركزة عن المتاح من الأسرة لأكثر من سبب، منها موقع المحافظة الجغرافى حيث يمر بها سيارات ١٠ محافظات بالوجه البحرى.
مباشر القليوبية