كتب – مدحت منير:
وسط حضور شعبى يعكس حالة خاصة من الإرتباط بين الراعى الأمين الصالح ورعيته، إحتفلت كنيسة ماريوحنا الحبيب ببنها بالذكرى الـ15 لنياحة راعيها ومؤسسها القمص بيشوى فؤاد ،وقدأقامت الكنيسة قداس خاص لروحه الطاهرة.
يذكر أن هذا الراعى البار ولد فى القاهرة يوم 20 / 6 /1935 باسم طلعت فؤاد، وحصل على ليسانس الاداب قسم اللغة الانجليزية من جامعة القاهرة عام 1965 ثم عمل بالتدريس، وكان من أشهر مدرسى اللغة الانجليزية ، وفى عام 1970 بدأ التفكير فى شراء قطعة أرض لاقامة كنيسة تخدم منطقة بنها الجديدة فوقع الاختيار على قطعة أرض كانت قد بنيت على أنها مصنع للبلاط وكان السقف من خشب الاسبستوس المعلق على عروق خشب وقد قام فريق عمل متكامل لتجهيز المكان فى مقدمته طلعت فؤاد مدرس اللغة الانجليزية “القمص بيشوى فيما بعد” وشقيقه المهندس جمال فؤاد “القمص كيرلس ببورسعيد فيما بعد” وادوارد صادق “القس شنودة صادق بطنطا فيما بعد”، وبعد انتهاء العمل أقام المتنيح الانبا مكسيموس المطران أول قداس بها ثم تمت رسامة طلعت فؤاد كاهنا عليها باسم “القس بيشوى”فى 10 /9 /1971 وخدم الكاهن الجديد فى تلك الكنيسة التى كانت مياه الامطار تدخلها فى الشتاء بسبب السقف الصاج ولم يتذمر حتى تم بناؤها وفى عام 1994 .
ترقي القمص بيشوى فؤاد قمصا بيد الانبا مكسيموس أسقف بنها وقويسنا وتحولت الكنيسة على يديه الى ملجأ للكثيرين،ومن الاشياء التى كان رائدا فيها اقامته للقداسات اليومية فى الاصوام وتـأسيس أول حضانة فى كنائس بنها واهتمامه بالاطفال اهتماما بالغا لانه كان يرى فيهم مستقبل الكنيسية واهتمامه بالفقراء وعدم بخله عليهم وكان بابه مفتوحا لكل محتاج فى بنها وكل الايبارشية ومن يطرق بابه من الاحباء المسلمين.
اهتم القمص “بيشوى” بزواج البنات الفقيرات والبيوت المستورة التى لايعرفها سواه ،أيضا لم ينسى للحظة افتقاد الارامل والايتام وكان يقضى يوم العيد فى زيارتهم على اعتبار أن هذه هى الديانة الطاهرة التى تحدث عنها يعقوب الرسول “يع 3: 27” وكذا اهتم بالشباب وباعداد الخدام وخدمة السجون وزيارة المساجين بشكل منتظم ،باختصار كان القمص بيشوى فؤاد مدرسة كهنوتية وانجيل معاش وأيقونة للرعاية وبذل الذات حتى أخر نفس لراحة الاخرين وبعد خدمة مباركة لمدة 31 عاما تنيح بسلام فى 17 / 10/ 2002 وقد رثاه الناشط الحقوقى والكاتب الصحفى مجدى خليل بجريدة “وطنى” فى مقال مطول حمل عنوان “نياحة كاهن أمين القمص بيشوى فؤاد راعى كنيسة ماريوحنا ببنها “تعرض فيه لظروف بناء الكنيسة ومعاصرة راعيها لتلك الظروف العصيبة واكتوائه بنيران بعض الحاقدين لايقاف البناء وتذرعه بالصبر والايمان والصلاة وهى ذات الصفات التى لازمته طوال خدمته المثمرة والتى نلمس ثمارها يوميا فى الكنيسة التى أسسها وتلاميذه من الكهنة والخدام الذين ارتوا من نبع محبته وأبوته .
فى ذكراه الـ15 يروى لنا نجله ميشيل طلعت فؤاد “مهندس برى القليوبية” : “لا أذكر اننى كنت أرى والدى إلا نادرا فقد كان يخرج مبكرا جدا مع اول خيوط اشعة الشمس قبل إستيقاظنا للذهاب لمدارسنا ويعود ونحن نيام وكان هذا يعود لحرصه على إفتقاد كل البيوت وحل كل المشاكل بأنواعها وفى صلوات الخدمات وابرزها صلاة تبريك المنازل التى تقام عادة فى كل البيوت أيام الصوم الكبير كان لا يقبل تبرعات للكنيسة إلا لمن يشعر انه قادر على هذا أما الأسر المستورة و الفقيرة فقد كان هو الذى يتبرع لهم من جيبه الخاص عقب الصلاة.
ويضيف “ميشيل” إننى كنت أحيانا اسير فى الطريق معه فيقوم بعض الغوغاء بتحريض الأطفال ليجروا ورائه ويقذفونه بالطوب قائلين “الكنيسة خربت والقسيس مات” وكنت أسأله التوقف للرد عليهم بهدوء فكان يقول لى “سر فى الطريق ولا تلتفت لهم ..ربنا يسامحهم ” وكان المتنيح القديس الانبا مكسيموس المطران يحبه لدأبه فى الخدمة وحبه للعطاء بأنواعه والذى جعل شعب الإيبارشية كلها وليس كنيسته فقط يحبه وأيضا كثير من إخوتنا المسلمين حيث كان يعطى الجميع بلا تفرقة أما عن ما تحمله من مشاكل خلال فترة إنشاء الكنيسة فلا تتسع هذه العجالة لذكر تفاصيله
ويقول مجدى زكى “أمين لجنة التنمية بإيبارشية بنها وقويسنا ” : كنت بحكم خدمتى للأسر الفقيرة “إخوة الرب” والأسر المستورة قريبا من ابونا بيشوى الذى كان يهتم بهذه الخدمة بشكل لا يوصف صادفتنا حالة سيدة تأخرت فى الإنجاب وترددت مثل كل سيدة فى ظروفها على كل أطباء النساء ببنها دون جدوى فقال لى أبونا بيشوى أنه سمع عن طبيب نساء شهير بالقاهرة وعندما ذكر لى إسمه قلت له “لكن ده كشفه 50 جنيه ” وكانت الخمسون جنيها فى تلك الفترة مبلغا كبيرا فما كان منه إلا أنه إستدعى السيدة وقال لها مشددا أن تسرع بالسفر للقاهرة للكشف وأعطاها 30 جنيها عقب خروجها ناداها بسرعة قائلا لها “معلهش أبوكى حمار يا بنتى ” فقالت له بدهشة “أبويا مات من زمان يا أبونا ليه بتشتمه ؟!” فرد قائلا “أنا اقصد أبوكى الروحى اللى هو أنا لأنى غلطت وإديتك 30 جنيه بدلا من 50 جنيه ..وها هى ال20 جنيه الباقية من ثمن الكشف وتسافرى على طول ” والمواقف المماثلة لا تعد ولا تحصى ومنها ما يتعلق بإهتمامه بخدمة المسجونين ودأبه فى ربطهم بالكنيسة وحل مشاكلهم ومشاكل أسرهم.
مباشر القليوبية