- هنا في العراق ومن بعده لبنان تتشابه الثورة في البلدين كثيرا وتختلف أكثر عن سابقتها من ثورات الربيع العربي لنجد أنفسنا أمام نموذج جديد من الثورات في المنطقة إلا وهو إسترداد الدولة من جديد أو بمعني أدق إسقاط الطائفية وموظفيها وميلشياتها الموالية لها والتي تستقوي علي الدولة وتؤمن بالمغالبة لا المشاركة فضلا عن مواجهة التدخل الإيراني الحاضر وبقوة في العاصمتين لمواجهة رياح التغيير
- في العراق ولبنان المتظاهرون لايريدون ان يستولي فصيلا بعينه او بالأحري طائفة بعينها علي مقاليد الأمور بل يريدون حكومة تكنوقراط بعيدا عن المذهبية والطائفية البغيضة ودون تدخل من أطراف خارجية تحاول أن تلعب لمصالحها الإقليمية دون النظر لمطالب الشعبين اللذين عانيا طوال سنوات من الفساد وسطوة الأحزاب المتسلطة بعد أن قسمت الوطن إلي ممالك وطوائف
- لقد إنطلقت المظاهرات في العراق بالتحديد في مدينة البصرة أوائل يوليو من العام الجاري إحتجاجا علي أزمة الكهرباء في ظل الحر الشديد بجانب سوء وتردي الخدمات في بلد نفطي غني وإشتعلت الثورة العراقية بسقوط بوعزيزي العراق أمام مبني محافظة البصرة لتدخل العاصمة بغداد هي الأخري في التظاهرات مع إضراب عمال السكة الحديد بسبب تأخر رواتبهم ثم كان التجمع الأبرز في ساحة التحرير ببغداد يوم 31 يوليو لتمتد التظاهرات لسائر المدن العراقية الأخري وسط مطالب محددة بإعلان الحرب علي الطبقة الفاسدة ورفض التدخل الإيراني ولم تفلح القرارات التي أطلقتها الحكومة العراقية في إمتصاص غضب المتظاهرين لأن المطلب الأساسي لم يتحقق بعد وهو الإبتعاد عن الطائفية ومحاسبة رؤس الفساد التي إستولت علي الأخضر واليابس
- نفس الحال في الثورة اللبنانية التي إنطلقت عقب أزمة النفايات في أغسطس الماضي وكان تجمعها الأبرز في ساحة رياض الصلح والشهداء بوسط بيروت بسبب الطائفية وتعنت حزب الله في إستخدام لغة وحيدة وهي تجاهل مصالح لبنان وإرهاب المعارضين وهو مايكشف بوضوح أن الخيط الإيراني حاضر وبقوة في العاصمتين حيث تتدخل إيران في الشأن اللبناني من خلال حزب الله وفي الشأن العراقي من خلال حزب الدعوة والحشد الشيعي لذلك جاءت التظاهرات هذه المرة في كلا البلدين وهي ترفع شعارات واحدة بسقوط الطائفية وليس سقوط الدولة
- كل الشواهد في العراق ولبنان تؤكد أن المتظاهرين إستوعبوا درس ثورات الربيع العربي الأولي بعدم السماح بهدم الدولة أو قفز فصيل طائفي بعينه علي الثورة وجاءت مطالبهم محددة بإستقلال الحكومات الجديدة وعدم تبعيتها لأي جهة خارجية بعيدا عن فكرة المحاصصة الطائفية في إختيار الوزراء والتي كانت أحد أهم أسباب إنتشار الفساد والإنقسام المجتمعي فضلا عن الصراعات الطائفية مع التخلص من دستور يقسم السلطة بين مختلف المجموعات الطائفية والعرقية
- بالمناسبة في ثورات الربيع العربي الأولي كان المتظاهرون يستهدفون بديلا أكثر صلاحا وكفاءة وديقراطية ولكن حين سرق فصيل الإخوان هذه الثورات ثار الشارع عليهم وقدمت مصر النموذج الأروع في 30 يونية لإسقاط الفاشية الدينية ثم تبعتها تونس في إسقاط المرشح الإخواني في الرئاسة ورفض تولي حركة النهضة رئاسة الحكومة الحالية لذلك أدرك المتظاهرون في كل من العراق ولبنان الدرس وكانت الدعوة هي إصلاح النظام وليس إسقاطه وإستخراج البديل من داخله لتلافي التبعات المأساوية حال سقوط الدولة مع إبعاد الفاسدين والتخلص من الطائفية حتي لاتسقط كلا البلدين في الهاوية وبالتالي تصبح عاجزة عن الوفاء بواجباتها تجاه مواطنيها