جاءني صوته عبر الهاتف مفعما بالحزن و المرارة.. و سألته لماذا صوتك حزينا؟
اجاب قائلا : لقد توفي صديق لي كان من أعز أصدقائي.. كان يحمل قلبا من أنقي القلوب و أطهرها.. صاحبته أكثر من ثلاثين عاما لم أر منه الا كل خير.. و ما أحزني و أبكاني أكثر أنه طلبني قبل وفاته بعدة ايام و طلب مني زيارته لانه يريد ان يراني.. و لكن للاسف الشديد حلت ظروف لتلبية دعوته علي الفور.. لعنة الله علي هذه الظروف التي منعتني عن زيارت.
قلت له : يا عزيزي انها ارادة الله و اللقاء نصيب و لا نعلم اين الخير..
و لكن يا صديقي كلماتك ايضا تحمل طابع المرارة.. ما سببها؟
اجاب بعد ان اجهش بالبكاء : صديقي هذا كان موظفا مرموقا و أحب أمرأة و تزوجها و أثمر هذا الزواج عن ابن و ابنة.. و كانت الزوجة تدلل ابنها تدليلا اكثر من اللازم و كلما نصحها ان هذا التدليل سيأتي بنتيجة عكسية.. و بالفعل مع مرور السنوات أصبح الابن يتطاول علي والده و امه تشجعه علي ذلك
و كانت ابنته تخفف عنه ما يشعر به من مرارة.. و تخرج الابن من الجامعة و اصبحت الزوجة في مركز مرموق و زادت اهانات الابن و الزوجة لصديقي الذ لم يتحمل لان مشاعره كانت في منتهي الرقة.. و اصيب صديقي بجلطة في المخ اسفرت عن شلل نصفي في الجانب الايسر.. و هو في تلك الظروف الصعبة لم تتحمله زوجته حتي خرج من شقته التي اشتراها بمليون جنيه و كتبها باسمها.. خرج و أقام مع شقيقته التي كانت تراعيه.. بينما سافر ابنه الي احدي دول الخليج للعمل بها..
توقف محدثي برهة و تنهد تنهيدة طويلة و استكمل كلماته قائلا : ثم كان الخبر الذي احزنني.
قلت له : لا تحزن يا صديقي.. لقد استراح صاحبك من زوجته الجحودة و ابنه العاق.. هو اصبح الان في مكان اعظم و اجمل من المكان الذي نعيش فيه الان.. و اما الابن العاق و الزوجة الجحودة فحسابهما علي الله و الله اعلم بمصيرهما و تأكد انهما لن يفلتا من عقاب الله في الدنيا و الاخرة..
يا صديقي.. رحم الله صديقك و لعل في قصته دروس كثيرة يجب ان يستفيد منها الجميع.
0 9