تعد حرب أكتوبر، بقيادة الرئيس الراحل “محمد أنور السادات”، معجزة حقيقية بكل المقاييس، لأن العدو الإسرئيلى أقام “خط بارليف”، على طول الضفة الشرقية للقناة، وقُدر أن تحطيمه لا يكون إلا بقنبلة ذرية مثل التى ألقيت على هيروشيما ونجازاكى.
تكمن المعجزة الحقيقية لحرب 73 في الجندى المصرى الذى حمل السلاح على ظهره وفدى الوطن بدمه، وفى الذكرى الـ44 لحرب أكتوبر المجيدة لا يمكن أن ننسى، أول شهداء القوات المسلحة في حرب 6 أكتوبر1973، إنه البطل الشهيد.
“محمد حسين محمود مسعد” ابن قرية سنديون مركز قليوب بمحافظة القليوبية، ولد لأب مزارع، وأتم دراسته في معهد قويسنا الديني، وعمل باحثا اجتماعيا في وحدة مركز طوخ بمحافظة القليوبية، وتزوج من مُدرسة كانت تعمل بمدرسة إعدادية في طوخ، ولكن فرحته لم تكتمل، فقد استدعته القوات المسلحة بعد زواجه بشهر، وأثناء وداعه لعروسه قال لها: “سامحيني على فراقك السريع فأنا أشعر بأن الوطن يناديني.. ووحدتي العسكرية بحاجة إليّ”.
وبعد أن وصل “العريس” إلى وحدته قام بمهامه الاستطلاعية على أكمل وجه، حيث رصد القوات الإسرائيلية وأبلغ عنها، وفي الأول من شهر رمضان عام 1393 تم السماح له بزيارة أسرته، وفي المساء عاد إلى وحدته وأثناء وداع زوجته قال لها: “أوعي تنسي قراءة الفاتحة وخلي بالك من نفسك” وقام بعد ذلك بتقبيل أمه، وقال لها “ادعيلي يا أمي أنا وزملائي على الجبهة” وقد خرجت كل العائلة تودعه، وتعتبر تلك أول مرة تخرج العائلة لوداعه منذ التحاقه بالخدمة العسكرية، وكان البطل يعلم بأن هذا هو الوداع الأخير له من أسرته.
وكان شقيقه الأصغر “عبدالحميد جنديًا” فى قوات المدرعات، وخاض معركة “جبل لبنى”، عام 1967، ضد فرقة مدرعة ومشاة ميكانيكية إسرائيلية، وأبلى بلاءً حسنًا في المعركة، حتى أنها أصبحت تدرس في الأكاديمية العسكرية العالمية.
قبل حرب أكتوبر 73، خدم كجندي استطلاع ودخل سيناء عدة مرات وتحكي والدته عن غيرته من أخيه بسبب إجادته في معركة “جبل لبنى”، ناقلة قوله لها: “سأحارب معركة من أحسن المعارك أنا أيضًا”.
كان “مسعد” أول العابرين مع قوات الجيش الثالث الميداني لخط بارليف، بعدما انتظر 4 أيام كاملة أمام الضفة الغربية للقناة، للبدء في تنفيذ خطة العبور، وعندما اندلعت المعارك كان البطل “محمد مسعد” ضمن الصفوف الأمامية الأولى لقواتنا الضاربة في مواجهة العدو الإسرائيلي، وما هى إلا ساعات قليلة حتى استشهد بمنطقة التمساح بسيناء، وكانت آخر إشارة بعث بها إلى قائده: “العدو يا فندم على بعد 10 أمتار” وبعدها لقى ربه وتم دفنه بمقابر الشهداء بالإسماعيلية.
وفي نفس العام، قامت الأسرة بنقل جثمانه من مقابر الشهداء بالإسماعيلية، إلى مقبرة خاصة بسنديون، وأعيدت مراسم الدفن وخرجت جموع أهالي سنديون في موكب مهيب تهتف “لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله”.
قال أحمد مسعد شقيق البطل إن “الشهيد عندما نقلنا جثمانه كان كما هو وكأنه توفي بالأمس وكانت رائحته تفوح عطرًا ومسكًا”، مشيرا إلى أنه تم تسجيل اسم شقيقة بالموسوعة العالمية كأول شهيد.
وطلب صلاح حسب الله أحد أبناء قرية سنديون من المهندس محمد عبدالظاهر محافظ القليوبية السابق، ضرورة تكريم البطل الشهيد بذكر اسمه في كتاب محافظة القليوبية، كأحد أهم أبنائها الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن، خاصة وأن الشهيد البطل كان قد تزوج لمدة شهر واحد فقط ولم ينجب.
مباشر القليوبية