الرئيسيةتقارير

“مرضى” مستعمرة الجذام.. ماتوا وهم على قيد الحياة…مواطنون ينهشهم المرض ويقتلهم أهمال الحكومة

هنا تتجسد معاني الإنسانية النبيلة بأدق تفاصيلها.. هنا تتلاقى الآمال والأحلام بين مرضى فضلوا عزل أنفسهم عن العالم ولا يعرف الكثيرون عنهم شيئا.. هنا يعيش المرضى حياة القرون الوسطى، أكل منهم الدهر وشرب، بعد أن ضلت الخدمات الأساسية طريقها إليهم، برغم أنهم أحوج الناس لها.
هنا في مستعمرة الجذام بأبو زعبل، وفي منطقة شبه منعزلة عن العالم يعيش أكثر من من ألف مريض، يعيشون حياة بائسة، فأغلبهم من الفقراء، هؤلاء المرضي “الغلابة” نهش المرض اللعين أجزاء متفرقة من أطراف وجوههم وأصابعهم فحرمهم من معايشة الآخرين، ولأن فترة العلاج قد تطول سنوات فقد أحضر الكثيرون من المرضي أفراد أسرهم واختاروا قطعة أرض جرداء بالقرب من المستشفي وأقاموا بها بيوتاً أغلبها من الطوب اللبن والخشب والصفيح، لذلك أطلق عليها عزبة الصفيح وظلت العزبة بعيدة عن بؤرة اهتمامات المسئولين إلي أن سقطوا نهائياً من حساباتهم ولا يشعر بأهلها أحد.
هنا داخل مستعمرة الجذام ب”أبي زعبل” قصص وحكايات ربما لا نجدها في الشارع وتصلح لأن تصبح عملا سينمائيا عظيما.. فالمرضي جاءوا من مختلف المحافظات منذ عشرات السنين ليستوطنوا هذا المكان ويعيشوا مع بعضهم البعض علي “الحلوة والمرة”.. ولكن اكثر ما يؤلم هؤلاء نظرة المجتمع لهم حيث يهرب الناس منهم كأنهم “طاعون”.
محمد اسماعيل احد المرضي من كفر الشيخ يعيش في المستعمرة منذ 25 عامًا اصيب بالمرض وهو في سن العشرين واضطر الاطباء الي بتر ساقه اليمني يقول: أذهب لزيارة أهلي كل 3 شهور الا انني افضل الاقامة في المستعمرة حيث لا اشعر بأي تفرقة هنا فكلنا مصابون بنفس المرض.. وأضاف انه عاني كثيرا من نفور الناس منه ونبذه خوفا من الاصابة بالجذام وهذه هي اصعب اللحظات التي يعيشها في حياته وكل ما يتمناه هو دراجة بخارية ليتحرك عليها.
فى المستعمرة يوجد عنبر خاص بالرجال ويحتوي علي 20 سريرا وهناك تقابلنا بعم احمد محمود وهو يجلس علي كرسيه المتحرك وقال: انا من محافظة سوهاج وقد اصبت بالمرض وعمري 10 سنوات وعندما ذهبت للمستشفي واكتشف الاطباء اصابتي بالجذام قاموا بابلاغ الشرطة وتم ترحيلي للمستعمرة وقد مر علي مرضي كثيرون بعضهم مات بالمرض ومعظهم كتب له الشفاء منه.. أوضح عم “احمد” ان كل ما يؤلمه هو نظرة الناس والمجتمع لمرضي الجذام فهم يهربون منهم كأنهم الطاعون، مؤكدا ان المريض بمجرد حصوله علي جرعة واحدة من العلاج يصبح غير معدٍ.
مدير المستعمرة أكد أن مريض الجذام بمجرد ان يحصل علي جرعة واحدة من المصل المضاد للميكروب يصبح غير معد وعن تاريخ المستعمرة قال: تم انشاؤها عام 1933 لعلاج ورعاية وايواء مرضي الجذام وتنقسم الي ثلاث اقسام المستشفي والمزرعة وقرية للمرضي الذين يبلغ عددهم 800 مريض محجوزين بأمر القانون رقم 130 لعام 1946 الخاص بعزل مرضي الجذام خوفا علي المجتمع من العدوي وما زال القانون ساريا حتي الان لافتا الي انه عالميا بدأ التعامل مع مريض الجذام كمريض عادي لا يتم حجزه إجباريا وله الحق في الخروج والدخول وقتما يشاء خاصة بعد وجود الادوية التي حققت نتائج هائلة في علاج المرض.
وعن الجذام قال مدير المستعمرة: انه مرض معدٍ يسببه ميكروب يسمي “باسيل” ويؤثر علي الاعصاب الطرفية والاغشية المخاطية في الجهاز التنفسي العلوي وتتراوح فترة حضانته من 6 شهور الي 30 سنة وينتقل المرض عن طريق “الرذاذ” او الدم ويظهر كبقع جلدية تختلف عن لون الجلد اهم مميزاتها عدم وجود احساس فيها.
اضاف ان خطورة المرض تظهر بعد تناول العلاج حيث يحدث تفاعل شديد نتيجة تعاطي الادوية المخصصة للمرض ويسبب ذلك آلامًا شديدة جدا تؤذي اعصاب المريض فضلا عن التهاب الاعصاب في مختلف انحاء الجسد وتزداد خطورتها بالنسبة للعين وقد تؤدي الي فقدان البصر.

مباشر القليوبية

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى