أعلن المخرج خالد يوسف عبر صفحته الرسمية علي التواصل الاجتماعي بالفيس يوك مغادرته القاهرة من جديد بعد انتهائه مندفن وتلقي العزاء في شقيقه الأكبر والذي توفي منذ ١٠ ايام
وقال يوسف عبر البوست علي صفحته « منذ فقدتك ياأخي ولم تسمح لي الظروف أن أختلي بنفسي ولكن وأنا الآن أنظر من نافذة الطائرة مغادرا القاهرة المنورة دائما بأهلها في كل الظروف وجدت نفسي تنتابني حالة من الشجن ودون قرار أخرجت هاتفي مدفوعا أن أكتب لك وأفضفض معك كعادتنا عما حدث من يوم أن غادرتنا وماأكثر ما قيل عن مهابة وجلال مشهد وداعك وماأكثر ماروج البعض عن السجن الذي ينتظرني عند عودتي لوداعك أو ماقاله البعض الآخر عن الصفقة التي عقدتها مع النظام او ..او …
سأبدأ من لحظة أن تلقيت خبر رحيلك وأنا في بلاد الغربة عندها شعرت بالشلل يتسلل لأوصالي ثم في سائر جسدي إلا عقلي الذي تدافعت فيه صور ذكريات طفولتنا وصبانا اكثر من ذكرياتنا الحديثة..
ما أقسي علي النفس أن تكون بعيدا عندما يأتيك خبرا كهذا ..تمالكت نفسي وقررت العودة فورا ويالها من مرارة أن تكون عودتك لوطنك من أجل وداع أغلي الأحبة وليس من أجل لقاءهم ..
قدري ألا اعود فرحا كالأطفال إلي حضن أمهم ..
بل أعود حزينا من أجل وداع جزء من روحي بعد أن فقدت جزء أخر من روحي بفعل الغربة ..
عودتي بسبب رحيلك قد بددت بعض ملامح الإشتياق لأرض الوطن بعد غياب لأكثر من عامين وبخرت معها بعض من روائح الشوق لمعانقة الأهل والأحبة والرفقاء فاإختلطت بداخلي الأحاسيس وإرتبكت المشاعر مابين الحزن وما بين الشوق مابين غصة تعصر القلب وحنين دفين قد بهتت شعلته في الضلوع بدلا من أن تتأجج ..وزاد من إرتباك مشاعري أن طريق هذه العودة ملبدا بالغيوم وغير مأمون العواقب كما وصفه أكثر من ناصح بعدم العودة كوني المعارض المتصادم مع سياسات الدولة ولديها متخصصين في تلفيق القضايا للمعارضين ونصحوني بألا أعتمد كثيرا علي ما قيل منذ عدة أسابيع عن ترحيب الدولة وإعلامها بعودتي وقالوا أنت ذاهب لغياهب لا تعرف أين وكيف ستنتهي بك
ولم أستمع لاية نصائح وقررت العودة لتوديعك لاسباب عديدة اهمها إنه في يوم رحيل أخانا الأكبر أبومسلم وكنت أيضا في الغربة ولم أحضر تشييع جثمانه بناءا علي رجاءك لي حينها لكن بفقدك الأن لايوجد من يتلقي العزاء فيك غير أولادنا والأهم إنه لايوجد ما أنصاع لرغباته أو أستمع لرجاءاته أو نصائحه بعدك
ولكن ما أربكني إنني قد فوجئت بيوسف إبني هو الأخر قد وصلته نفس النصائح ووجدته متحشرج الصوت بالبكاء وقال بطفولة وهو إبن العشرين ( وانا هااعمل ايه لو عملوا فيك حاجه ) قلت له هذا أمر مستبعد قال لي ( بس ده إحتمال حتي ولو ضئيل فازاي تاخذ المخاطرة ) وإنهار باكيا وهو يقول ( انا واخواتي نضيع من غيرك يابابا ).. حبست دموعي عندما حضر طيف أمنا رحمها الله وهي تقول لي( لا تترك أخيك وحيدا ) ويمر من ورائها طيف أبانا رحمه الله ينظر لي نظرة لوم قلما ما كان يفعلها ( هو ده يصح ) فحزمت أمري وقلت ليوسف لا يمكن أن اترك أولاد عمك وحدهم وافهمته انني بعد رحيل عمك اصبحت الكبير الذي لابد وأن يحمل المسئولية فغادرني باكيا وأنزوي بغرفته إلي أن جاء موعد الطائرة قام بتوديعي عند الباب وأحتضنته وبللت دموعه وجهي وقمت بطمئنته وحاول أن يصدقني ولا أعرف لماذا تجنبت أن أنظر في عينيه والحقيقة إنني لم أتجنب النظر فقط بل ضبطت نفسي متلبسا بأنني تعمدت ألا أنظر في عينيه
وفي الطائرة نظرت من نافذتها ورأيت إننا دخلنا في سحابة عميقة وجدتها هي تعبير دقيق عما شعرت به في تلك اللحظة
شعرت أن روحي وليست الطائرة وسط غيم عميق لا أعرف كيف سيكون الخروج منه ولأي مألات
وصلت مطار القاهره وفوجئت بمؤسسات الدولة حاضرة ومرحبة ومؤكدة لي ماأعلن عنه منذ اسابيع قليلة انني لم أكن في يوم متهما في قضية وأن كل مااشيع كان كلاما مرسلا عبر وسائل إعلامية وغير مستندة لتصريحات من جهات رسمية ووجدت نفسي خارج المطار بعد دقائق معدودة وللأمانة أدخل هذا الإستقبال نسمة إرتياح علي قلبي الحزين وعندما جاءتني التعازي من رجالات الدولة تبددت كل هواجس اصدقائي بل إنقشع قليلا الغيم المسيطر علي روحي بفعل مخاوف إبني
وقدرت لمؤسسات الدولة أن تقوم بالترحيب بعودتي وهم يعرفوني جيدا ويعلمون إنني لا أنتوي التأييد لسياسيات عارضتها وحسبت هذا الترحيب في أول الأمر تقديرا للظرف الانساني الذي أمر به لولا أن التعزيات التي جاءتني في الأيام التالية كانت مصحوبة بالترحيب بي معارضا وعدم توقعهم اني سأغير مواقفي أو ثوابتي وأعربوا أن الدولة مرحبة أن أقول رأيي بمنتهي الحرية ودون دفع اثمان ..تمنيت من كل قلبي ان يكون ذلك نهجا جديد تتبناه أجهزة الدولة وتفتح المجال العام أمام جميع اصوات المعارضة المخنوقة سجنا أو ترهيبا
ما أن خرجت من المطار حتي إنطلقت مسرعا لحمل جثمانك ياأخي من المستشفي إلي مثواك الاخير ولم أستطع إلا أن أقبل جبينك من وراء ستار كفنك وإنطلقت سيارة حمل الموتي وظللت أراقبها علك تحنو وتطل برأسك منها وبالطبع لم يحدث ..
ومرت اللحظات الأقسي وانا أهبط مع جثمانك القبر لأفك عنك أحزمة الكفن ونرسي جسدك بإتجاه الكعبة وصعدت لأتلقي العزاء من المشيعين ووجدت من حب الناس وإحتوائهم لي سواء من أهالي مركز كفر شكر او من أصدقائي الذين جاءوا من كل محافظات مصر وتكبدوا مشقة السفر وغير مبالين بأخطار كورونا
كم هائل من الحب لمسته وانا أبحر في أحضان الجميع .. الكثير منهم لم يترك إحتضانه لي إلا بتنبيه الأخرين له ..
كم الود البادي في العيون لا حدود له
كل ذلك أشعرني إنك يا أخي ومعك أبي وأمي واخواتي لم تفارقوا الحياة بعد ..
كم هو رائع هذا الشعب الذي يخرج منه رجل