كتاب الموقعمقالات

أحمد عبدالكريم يكتب”اشراقة الصباح “وحشتينا يا ست الحبايب

ست الحبايب يا حبيبة.. يا أغلي من روحي و دمي.. يا حنينة و كلك طيبة..
يا رب يجعل مثواك الجنة مع النبيين و الصديقين و الصالحين و الشهداء و حسن أؤلئك رفيقا.. اللهم امين.
اسمحوا لي أن أكتب اشراقة هذا الصباح عن أغلي و أعز الناس في حياتي.. عن أمي..
حاولت كثيرا في الذكري السنوية الاولي العام الماضي أن أكتب عن أمي بعد رحيلها و لم استطع.. كانت دموعي لا تتوقف كلما كتبت كلمة عنا و توقفت و خانتني شجاعتي و أحاسيسي.. واحترت كثيرا فانا الدي تجري الكلمات علي قلمي كما تجري مياه النهر.. توقفت الكلمات علي لساني و احتضنها قلبي المفعم بالحزن علي رحيلها.. وجدت أن أمي أكبر من كل الكلمات التي مهما كتبتها عنها لا تياوي نظرة حب حانية و ابتسامة منها كانت تملأ حياتي بهما لهجة و يعادة..
و لكن في الذكري السنوية الثانية التي توافق اليوم وجدتني أتغلب علي دموعي و لو قليلا لاقول لها..
وحستينا.. وحشتينا.. وحشتبنا يا ست الحبايب.. صحيح أنك غبت عنا بجسدك و لكن روحك الطاهرة لم تفارقني.. أتذكرك طوال يومي و لا أنام علي وسادتي الا و تحدثت معك كما كان بيننا.. حوارات كثيرة أجريها معك و أعلم تماما أنك تحس بها.. و أتدكر ضحكاتك الجميلة عندما كنت أحكي لك حكاية تسعدك.. و أتذكر علامات الحزن التي تظهر علي وجهك الملائكي عندما أحكي لك ما يؤلمني من طلم تعرضت له في عملي أو خيانة صديق.. أو أي شيئ كان ينغص عاي حياتي.. فتأتي كلماتك كالبلسم تعطيني الصبر و القوة و تبشريني بان الله سينصرك..
أمي هي من تعلمت منها التسامح بلا حدود فهي المادة الخام للتسامح..
أمي هي من علمتني العطاء دون انتظار المقابل.. هي من علمتني كيف أعفو عمن ظلمني و أن أعطي من حرمني.. تعلمت منها مساعدة من يلجأ الي.. كانت مريمة و جوادة فتعلمت منها هذا..
لم أسمع من أمي طيلة حياتها كلمة نابية واحدة.. لا تتلفظ الا بكل طيب.. كانت صابرة صبورة الي أبعد الحدود..
أمي كانت صوامة قوامة.. تختم المصحف الشريف مرتين في السهر و كلما تنتهي من ختمة قرأن تخبرني و هي في غاية السعادة.. امي ابتليت بوفاة اثنين من ابنائها فلم تجزع و احتسبت امرها لله.. ابتليت في اشياء كثيرة و صبرت.. ابتلبت بالمرض سنوات طويلة حتي اقعدها في الفراش و لم تستطع الوقوف علي قدميها فكانت تقول لي.. نفسي يا ابني اقوم علي رجلي لادخل الحمام.. كانت تخفي الامها عني حتي لا اتألم و لكني كنت احس بها و اتركها لابكي من اجلها علي وسادتي..
و في اخر ليلة لها صعدت الي شقتي و دعوت ربي بدموعي طوال الليل ان يرحمها برحمته و كانت هي في نفس الوقت تدعو ربها ان يرحمها من هذه الالام المبرحة.. فاستجاب الله و صعدت روحا الطاهرة الي بارئها في مثل هذا اليوم منذ عامين..
سلام و رحمة عليك يا أمي يا من كنت حياتي و أصبحت ذكرياتك هي كل ما تلقي من حياتي.
اذروني يا سادة أطلت عليكم و مع ذلك لم أقل كل ما يجول في خاطري عن امي.. معذرة و لكنني معذور لانني اتحدت عن أعز الناس.. عن ست الحبايب.. عن أمي.
ولدك العاشق لتراب قدميك

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى