الرئيسيةتقارير

صيامنا.. وبهجتنا.. مسلمون وأقباط «إيد واحدة» فى تجهيز «الكحك والزينة والدبايح» بالقليوبية

 

لا تقتصر مظاهر الفرحة بقدوم شهر رمضان فى محافظة القليوبية على المسلمين فقط، بل تمتد إلى إخوانهم من المسيحيين، الذين يحرصون على مشاركتهم الاحتفال بالشهر الكريم، حيث يتشارك الجميع فى تعليق الزينة والفوانيس أمام بيوتهم، تعبيراً عن فرحتهم بشهر رمضان، كما يحرص كثير من المسيحيين على تغيير مواعيد تناول الطعام، لتكون فى نفس توقيت إفطار المسلمين مع غروب الشمس فى نهار رمضان، بل يقومون بمشاركتهم فى تجهيز «الكحك» لعيد الفطر، وفى إقامة موائد الرحمن لإطعام الصائمين من الفقراء والبسطاء، فى مشاهد تعكس مدى الوحدة الوطنية بين نسيج الشعب المصرى.

«القس يوحنا وهيب»، راعى كنيسة «مار يوحنا» بمدينة بنها، تحدث لـ«مباشر القليوبية»، قائلاً: «نحن كأبناء جلدة واحدة، نحيا على أرض واحدة، ونتقاسم نسمة الهواء، ونتوحد فى السراء والضراء، لا بد أن توحّدنا مثل هذه المناسبة الجليلة، ألا وهى شهر رمضان المبارك، وعلى المستويين الرسمى ككنيسة، والشخصى كمواطن مصرى، قبل كونى رجل دين، أهنئ إخوتى المسلمين بشهر رمضان»، مشيراً إلى أن الكنيسة تحرص كل عام على إعداد موائد إفطار وسحور جماعية خلال شهر رمضان، يتناول فيها المسيحيون الطعام جنباً إلى جنب مع أشقائهم من المسلمين.

“المحشى” و”البط” و”الفراخ” و”الملوخية” أطباق رئيسية على الإفطار و”الفول” ملك السحور والحلو كنافة

أما «إبراهيم كامل»، مهندس زراعى وتاجر قطع غيار سيارات، فقد دعا إلى عدم تصنيف المناسبات الدينية، سواء إسلامية أو مسيحية، بل باعتبارها «مناسبة مصرية، يحتفل بها جميع المصريين، مثل عيد الميلاد، أو عيد القيامة، الذى احتفلنا به جميعاً بالأمس القريب، ونحن نحتفل الآن جميعاً بشهر رمضان، ثم بعيد الفطر، وغيرها من المناسبات التى تجمع بين المصريين على مائدة واحدة»، وأضاف: «كما حمل بعض أحبائنا المسلمين سعف النخيل فى أحد السعف قبل أيام، وتناولوا معنا القلقاس والقصب فى عيد الغطاس، نشاركهم نحن أيضاًَ فى تناول الكنافة والقطائف فى رمضان، ونشترى لأبنائنا الفوانيس، ونشاركهم فرحة عيد الفطر، ونتناول معهم كعك العيد، فهذه هى مصريتنا، وسنظل كذلك إلى الأبد».

وعن أبرز أصناف الأطعمة، التى يحرص غالبية أبناء القليوبية على تناولها خلال المائدة الرمضانية، أطباق «المحاشى» بجميع أنواعها، مع «البط» و«الفراخ» و«الملوخية»، كوجبة رئيسية على مائدة الإفطار، يتناولون بعدها أنواع الحلويات، مثل «الكنافة» و«القطايف»، وتُعد هذه الأكلات هى الشائعة طوال شهر رمضان، وتتكرّر على مدار أيام الشهر، خصوصاً فى «العزومات»، بينما لا تكاد تخلو مائدة السحور من أطباق «الفول»، بالإضافة إلى أكواب «الزبادى»، التى يحرص الصائمون على تناولها على مائدة السحور، لتقليل الشعور بالعطش فى نهار رمضان.

«إبراهيم حبشى»، أحد أكبر باعة «الفول المدمس» فى بنها، أكد أنه «لا غنى عن طبق الفول فى رمضان»، مشيراً إلى أن أهالى بنها يُقبلون على شراء الفول طوال العام، لكن فى شهر رمضان يكون الإقبال عليه كبيراً، حيث إنه يُعتبر «مسمار البطن»، يمنع الشعور بالجوع لساعات طويلة، لذلك يطلقون عليه «ملك السحور»، خاصة أن هضم الفول يحتاج إلى وقت طويل، نظراً لاحتوائه على نسبة كبيرة من الألياف، التى تعطى إحساساً بالشبع وامتلاء المعدة، كما أنه يحتوى على كمية كبيرة من الماء، تمنع الشعور بالعطش، وتشهد غالبية محلات بيع الفول والزبادى طوابير طويلة من المواطنين، خاصة بعد الانتهاء من أداء صلاة التراويح. كما أن صينية «الكنافة البلدى» من المظاهر الرئيسية التى تميز شهر رمضان فى القليوبية، وقال «محمود قمر»، أحد الباعة، إنه يقوم بصناعة الكنافة البلدى بإتقان شديد، باستخدام «الكوز» الخاص بذلك، حيث تلقى إقبالاً كبيراً من الأهالى، وأكد أحد المواطنين، تصادف وجوده لشراء بعض الكنافة لأسرته: «هناك الكنافة الآلية والكنافة العادية، لكن كنافة عم محمود مميزة، وتختلف عن أى كنافة أخرى، حيث إنه لا يزال يصنعها بطريقته البدائية، ولم تؤثر الكنافة الآلية على زبائنه، كما أن كوزه المخروم ما زال يتحدى الزمن».

وتتميز القليوبية بمجموعة من العادات والتقاليد، التى تقاوم «الاندثار» فى مواجهة التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى، التى أثرت على بعض العادات الرمضانية، ومن أهم المظاهر التى تنتشر فى القرى والأحياء الشعبية، تجهيز وتعليق زينة رمضان والفوانيس فى مختلف الأزقة والشوارع، حيث يقوم بعض الأطفال بجمع مبالغ مالية من جميع المنازل فى الشارع، أياً كان أصحابها من المسلمين أو المسيحيين، لشراء الزينة والفوانيس، وتزيين الشوارع بها، وسط أجواء من البهجة.

كما أن موائد الإفطار الجماعى للأهل والأقارب والجيران «العزومات»، تُعد من أهم ملامح شهر رمضان، خاصة فى قرى القليوبية، وإن كانت تراجعت فى المدن إلى حد كبير، بالإضافة إلى التجمع فى المساجد والساحات الكبرى فى أوقات صلاة العشاء والتراويح، وعقد حلقات تلاوة القرآن والذكر، التى يحييها بعض مشاهير المقرئين والمنشدين، وتستمر حتى موعد السحور وصلاة الفجر، بالإضافة إلى قيام العمد وكبار الشخصيات فى مختلف القرى بالعمل على إنهاء الخصومات بين العائلات، فى جلسات عرفية يتم عقدها فى منزل محايد، وبعد إتمام الصلح، يتشارك أطراف النزاع فى ذبح «خروف»، يتم تجهيز نصفه لإطعام الحضور فى جلسة الصلح، بينما يتم توزيع النصف الثانى على بعض فقراء القرية.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى