الرئيسيةكتاب الموقعمقالات

أحمد أشرف ناجيه يكتب..الشعب صاحب القرار في التعديلات الدستورية والدستور مش قرآن ولا إنجيل

الشعب هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى إقرار التعديلات الدستورية من عدمه بعيدًا عن الوصاية أو الإرهاب الفكري، وهذا هو المهم فالشعب هو صاحب الكلمة العليا، وله الحق كاملًا فى الموافقة على تلك التعديلات من عدمه بعيدًا عن حملات الفيس بوك أو المتاجرة بالمواقف.

التعديلات الدستورية ليست مقصورة على مصر، وإنما هى موجودة فى كل دول العالم وآخرها ما حدث فى تركيا فى العام قبل الماضى حينما تم إدخال 18 تعديلا مقترحا على الدستور التركي، وأيضا فإن الدستور الفرنسى الحالى صدر فى 4 أكتوبر 1958 لكنه شهد العديد من التعديلات كان آخرها عام 2008، وعلى مدى 60 عاما تم إدخال 24 تعديلا جديدا على فترات متقاربة أحيانا ومتباعدة أحيانا أخرى وأول تعديل طال الدستور الفرنسى كان بعد عامين من إقراره وذلك فى عام 1960، وفى عام 1993 تم إدخال تعديلات جديدة عليه، وبعدها بست سنوات شهد الدستور الفرنسى ثلاثة تعديلات فى عام 1999.

وتكررت التعديلات بعد ذلك فى عامى 2003 (تعديلان)، و2007 ثلاثة تعديلات، والآن تشهد فرنسا حالة من النقاش العام حول الرغبة فى اجراء تعديلات دستورية جديدة من بينها تخفيض عدد أعضاء البرلمان، والاعتراف ببطاقات الاقتراع البيضاء فى الإنتخابات، والحد من عدد الولايات النيابية للحد من عدم الجمع بين صفتين نيابيتين مثل عضوية البرلمان والمجالس المحلية، وغيرها من تلك التعديلات التى ترغب الحكومة الفرنسية فى الدفع بها خلال الشهور القليلة المقبلة والتى من المحتمل إجراء الاستفتاء عليها فى مايو المقبل بحسب المصادر الفرنسية وما تتداوله الصحف ووسائل الإعلام هناك.

خلاصة القول إن الدساتير دائما وأبدا سوف تظل قابلة للتعديل والتغيير مادامت قد اقتضت المصلحة العامة ذلك، وفيما يخص الدستور الحالى الذى تم وضعه عام 2012 فقد كان مثارا للجدل ورفضه حوالى 36% من الذين ذهبوا إلى لجان الاقتراع رغم كل الظروف المحيطة، وعدم الاستقرار والشحن، والإرهاب الفكري، وتقسيم المواطنين إلى فسطاطين «الجنة والنار»، ورغم كل ذلك فقد بلغ عدد الرافضين للدستور أكثر من ثلث الذين وافقوا عليه، وفى عام 2014 تم إجراء تعديلات جديدة على الدستور اقتضتها ظروف المرحلة بعد قيام ثورة 30 يونيو.

لقد شهدت السنوات الثمانى الماضية العديد من التطورات السريعة والمتلاحقة على الساحة المصرية، وبعد قيام ثورة 25 يناير للأسف الشديد تحولت الثورة إلى فوضى وانفلات وحرق وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، لتدخل مصر مرحلة كانت تستهدف تقويض وهدم أركان الدولة، وتحويلها إلى دولة فاشلة، ومفلسة، وكان من المستحيل أن يستمر هذا الوضع لأن استمراره ببساطة كان يعنى ضياع الدولة إلى الأبد، كما حدث فى اليمن وليبيا، وسوريا، خاصة إن مصر دولة كبيرة ولها ظروفها الاقتصادية الخاصة لكن وعى الشعب كان هو الحارس الأمين لتنفجر ثورة 30 يونيو وتبدأ مسيرة طويلة فى إصلاح ما أفسده الزمن، وبدأت العجلة فى الدوران فى إزالة التشوهات التى كانت قائمة حينذاك، بدأت بمرحلة انتقالية ثم تعديلات دستورية، وانتخابات رئاسية وبرلمانية لتعود بعدها مؤسسات الدولة للحياة مرة أخرى رويدًا رويدًا، ثم كان التحدى الصعب وهو الإصلاح الاقتصادى بعد أن وصل الاقتصاد إلى حافة الافلاس والانهيار.

كان القرار قرارًا صعبًا وعسيرًا لكنه الدواء المر الذى لابد منه، ونجح الشعب المصرى فى الاختبار الصعب وبصبر وحكمة اجتاز أصعب مراحل الإصلاح وأقساها، والآن تبدأ مرحلة جديدة للإنطلاق والتنمية عنوانها الاستقرار والبداية من التعديلات الدستورية التى تعتبر حلقة من حلقات استكمال إعادة تثبيت أركان الدولة وانطلاقها واستكمال مسيرة طويلة من الإنجازات التى تحققت فى فترة قياسية قصيرة، والشعب صاحب الكلمة العليا فى الحكم عليها؛ بعد أن عانى طويلًا من الفوضى والضياع.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى