الاخباركتاب الموقعمقالات

الدكتورة جيهان فؤاد تكتب الفشل الاداري 

يعرف الجميــع أن يوسف عليــه السلام رفض الإذعان لزليخة فيما طلبتـــه منه فدخل السّجن ظلمـاً … ولبث فيــه بضع سنين … ثم شـــاء الله أن يــرى الملك رؤيـــاه الشهيرة … ويرسل صاحب يوسف عليه السلام القديم في السجن ليـأتيه بتعبيرها
ولكن لا يعرف الجميع أن يوسف عليه الســـلام في تعبيره للرؤيــا قد وضع أهم قانون في علم الإدارة …وهو أن الفشل يقع بسبب ســـوء الإدارة لا بسبب قلة الموارد
فيوسف الوسيــم حـــد الذهول .
الحكيم حد العبقريــه لم يرشدهم إلى البحث عن موارد جديدة لتخطي السبع العجاف … كل ما فعله هو أنــه أرشدهم إلى طريقة إدارة الموارد المتاحة بين أيديهم … ثم شاء الله أن يخرج من سجنه … ويدير تلك الموارد المتاحة بنفسه … ويقود أهل مصر وجيرانهم الكنعانيين والهيثيين إلى بــر النجاة
*أما اليوم …فيعرف الجميع … بـاستثناء المدراء طبعاً أن الفشل يقع بسبب سوء الإدارة لا بسبب قلة الموارد
*فإذا تعرّض فريق كرة قدم لخسائر متلاحقة يطردون المُدرّب ولا يبيعون اللاعبين
*وإذا تفاقمت مشكلة وطن يعزلون الحكومة ولا يُغيّرون الشّعب
*وإذا وصلتْ العلاقة الزّوجيّة إلى طريقٍ مسدود فهذا خطأ الزّوجين لا خطأ الأولاد
*وحده المدير العربى كان …رئيساًلمجلس إدارة …وزيراً … زوجاً …في الجامعة … والمدرسة ….والمستشفى … والشركة ….والمصنع … والورشه … يبحث عن سبب المشاكل في كلّ مكان إلا في نفسه …دوماً يبحثُ عن مشجب يُعلّق عليه فشله

فإذا نجح إختال كالطاوس فهذا النجاح نجاحه … وإذا فشل فحتماً هو خطأ الذين يعملون تحت إمرته
يستحيل أن ينجح مدير لا يملك الجرأة ليعترف أنّ أي خطأ يقع ضمن حدود صلاحياته هو خطؤه بالدرجة الأولى.
منذ سنواتٍ نظّمتْ إحدى جامعات بلجيكا … إن لم تخني الذاكرة .. رحلة لطلابها … وأثناء الرّحلة قام أحد الطلاب بقتل بطّة … فاستقال وزير التعليم …
وعندما سألوه عن علاقته بمقتل البطة حتى يستقيل
قال: أنا مسؤول عن نظام تعليمي أحد أهدافه أن ينتج مواطنين يحترمون حقّ الحياة لكلّ المخلوقات … وبما أنّ هذا الهدف لم يتحقق فأنا المسؤول.
لو حدثت هذه القصة في بلادنا … سيوبخ وزير التعليم مدير الجامعة … وسيوبّخ مدير الجامعة المعلم … وسيوبخ المعلم التلميذ … وسيوبخ التلميذ البطّة.
هذه هي عقليتنا الإدارية باختصار : تحميل أسباب الفشل لمن هم تحت إمرتنا …فلا أحد يجرؤ أن يعترف أن نصيبه من الفشل هو بمقدار نصيبه من المسؤولية … يستحيل أن ينجح مدير لا يملك الجرأة ليعترف أنّ أي خطأ يقع ضمن حدود صلاحياته هو خطؤه بالدرجة الأولى.
أحد أسباب نجاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة أمة كاملة هو امتلاكه لجرأة أن يلوم نفسه قبل أن يلوم عمّاله على أي خطأ يقع!
وهو القائل: لو أنّ
دابة عثرت في العراق … لسألني الله لِم لَمْ تُصلح لها الطريق يا عمر؟! هو في المدينة وهي دابة في العراق …ولو تعثرت فهذه مسؤوليته قبل أن تكون مسؤولية عامله على العراق … هزيمة جيش ما هي الا فشل الجنرالات قبل أن تكون فشل الجنود،
وسوء شبكة الطرق هي فشل وزير المواصلات قبل أن تكون فشل البلدية … وسوء أحوال المستشفيات هي فشل وزير الصحة قبل أن يكون فشل الأطباء والممرضين … وعلى صعيد أصغر هذه كتلك
فإذا تردتْ أحوال البيت على الزوج أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب زوجته وأولاده …وعندما تتردى أحوال مدرسة على المدير أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب معلميه وطلابه …
وعندما يتردى حال مصنع على مديره أن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسب عماله … وعندما تتردى حال ورشة على مديرها أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب مستخدميه
لأنّ المؤسسات أجســــاد والمــدراء رؤوس … وإنه لا يستقيم جسد ما لم يستقِمْ رأسه … ولا شك إننــــا في حاجة للمدير القائد والقائد المدير المؤسسئ الشؤري
علماً أن القائـــد والإداري الناجح يتمتع بصفات النبل من شجاعة وكرم وحكمة وذكاء وقوة وأخلاق وصبر وتواضع وعدل وحنكة سياسيه.
نعم نحن في حاجة للإداري المهتم بالانسان عقلا وروحا وجسدا

مباشر القليوبية

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى