أحزاب ونواب

اللواء عبد الرحمن راشد يكتب “الطابور الخامس ونقلة الي حروب الجيل الخامس”

 

كتب الدكتور علي الدين هلال يوضح ان “تاريخ مصطلح الطابور الخامس يرجع  الى الحرب الأهلية الاسبانية عام 1936-1939 عندما استخدمه الجنرال میلیومولا، قائد الجيش المؤيد لفرانكو المتجه لفتح مدريد. تكون الجيش من أربعة طوابير، ولكن الجنرال كان يتحدث عن الخمسة التي يقودها، وعندما سألوه عن ما هو هذا الطابور الخامس، كانت إجابته «هم الأنصار والمؤيدون والعملاء داخل مدينة مدريد، الذين ينشرون الاخبار الكاذبة ويطلقون الشائعات عن قوة الجيش، لإضعاف الخصوم وهز الثقة بأنفسهم واستخدم المصطلح بعد ذلك للإشارة إلى حرب الجواسيس في فترة الحرب الباردة بين المعسكرين.

ثم انتشر للإشارة الى الأشخاص والمجموعات المناهضة لنظام الحكم في دولة ما، وتدين بالولاء لقوى خارجية، وتعمل وفقا لتوجيهاتها فتقوم بإطلاق الشائعات وتضخيم أخطاء الحكومة، والتهويل من حجم المشكلات التي يواجهها المواطنون. والهدف هو تنمية مشاعر الغضب وعدم الثقة والعداء لمؤسسات الدولة، وخلق البيئة النفسية للتظاهر والخروج عن القانون، وربما في لحظة ما اسقاط هذه المؤسسات برمتها.

في هذا السياق ظهر مفهوم الحرب النفسية وهي حرب تستند إلى بحوث في علوم النفس والسياسة والاجتماع والاعلام، وتضع الاستراتيجيات والخطط للتأثير على أفكار ومشاعر وتصرفات الخصم، ويتم تدريسها والتدريب عليها في كليات الحرب ومعاهد المخابرات العامة في مختلف الدول.

حروب الجيل الخامس حروب قوامها الأفكار والمعتقدات والمشاعر والأحاسيس، بهدف تغذية التناقضات بين مؤسسات الدولة وسياساتها من ناحية، والمجتمع وأفراده من ناحية اخرى وتعميق الفجوة بينهما.

تهدف هذه الحروب الى غسل الأدمغة وتطويع العقول والتأثير على توجهاتها، واشاعة أن سياسات الدولة لا تحقق مصالح أغلبية المواطنين، وأنها سقطت في براثن الفساد والمصالح الشخصية.

الجوهر واحد بين مفهومي الطابور الخامس والحرب النفسية من قبل وحروب الجيل الخامس، الهدف هو اضعاف المجتمع بزرع الخلافات وروح التناحر بين فئاته وشرائحه، واضعاف الدولة بتدعيم مشاعر عدم الثقة والريبة لدى المواطنين.

الجديد هو الأساليب المتقدمة التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي توفر آليات الوصول السهل الى ملايين البشر والتأثير عليهم بشكل مباشر، من خلال الاخبار والبرامج المسلية والفيديوهات الحقيقية أو المفبركة .

وعلى مدى العقود السابقة، تعرضت مصر  لحملات إعلامية ودعائية مضادة تستهدف النيل من الروح المعنوية للشعب، وينبغي توقع ان هذه الحملات سوف تستمر الآن ومستقبلا، فهذا أمر طبيعي ومتوقع طالما كان هناك خصوم يتربصون بمصر، السؤال هو ليس لماذا يطلق هؤلاء الشائعات عن مصر، ولكن هو لماذا تنتشر هذه الشائعات بين قطاعات في المجتمع؟ ولماذا يكون هناك استعداد لتقبلها او تصديقها من البعض.

 أن التعامل مع هذة الشائعات لا يكون بالوعظ والارشاد، أو مجرد دعوة الجمهور الى عدم تصديقها، وانما يكون في البحث في اسبابها، ومعرفة الظروف التي أدت إلى انتشارها بهذا الشكل.

ويرجع سبب سرعة انتشار  هذة المعلومات الكاذبة الى التكتيم الاعلامي على موضوعات معينة، رغم معرفة المسئولين بانها موضع اهتمام الرأي العام وشاغله، وعندما لا يجد المواطن في اجهزة اعلامة الأخبار والتعليقات حول الموضوعات المهمة من وجهة نظره والتي تمس مصالحه، لا بد أن يبحث عنها في مكان آخر، كما يرجع ذلك ايضا ايضا الى تجاهل البيانات التي تنشرها صحافة المعارضة حول وقائع محددة منسوبة إلى اشخاص بأعينهم والحكومة تخطي خطأ بالغا اذا تصورت أن تلك الاتهامات لا تؤثر على الرأي العام.

وأعتقد أن هذين السببين يعدا  تفسيرا للحالة الراهنة في مصر، فهناك نقص في المعلومات من ناحية وتجاهل لأسئلة مثارة بين الناس من ناحية أخرى.

ومن الخطأ تصور آن امتناع ادوات الاعلام المصرية عن نشر خبر او موضوع ما يعني عدم معرفة الرأي العام به، فكل المعلومات يتم تداولها في وسائل الاتصال الاجتماعي، وعدم النشر في موضوع يتيح الفرصة لنشر الأخبار الكاذبة والتفسيرات المنحرفة،يضيف الكاتب قائلا واختلف مع الذين يركزون على موضوع الرد على الشائعات ويقترحون أساليب تفنيدها، فهذا وضع للعربة امام الحصان.

فالموضوع الأهم هو كيف ننمی جهاز المناعة الفكرية والوطنية لدى جمهور المصريين، بحيث يرفضون قبول تلك الشائعات ولا يصدقونها أصلا، التحدي هو أن يستعيد المصريون ثقتهم في وسائل اعلامهم، وأنها تنقل اليهم الأخبار الصحيحة وقت حدوثها والتفسيرات الحقيقية بشأنها.

 وهذه ليست مسئولية اجهزة الاعلام وانما مسئولية المصادر التي تزود تلك الوسائل بالمعلومات والتفسيرات، وبحريتها في استجلاء آراء وتفسيرات اخرى، وعندما نفعل ذلك تتوطد العروة الوثقى بين مؤسسات الدولة والمجتمع، ويصبحان معا سدا منيعا تتحطم أمامه ألاعيب وأساليب الحرب النفسية من الطابور الخامس الى الجيل الخامس من الحروب”.

اضافة:  وفي حديث للخبير الاستراتيجي سمير فرج قرر “ان صانعوا حروب الجيل الخامس يعتمدوا على استخدام التقنيات الحديثة، التي تتراوح ما بين القوة المسلحة، كالصواريخ المضادة للدروع، والعمليات الانتحارية، ونصب الكمائن، والأعمال الإرهابية، أو القوة غير المسلحة، التي يكون فيها العدو فاعلًا خفيا.

 كما تشمل التقنيات الإرهاب الإلكتروني، وتهييج الشعوب، لجعلها لاعبًا أساسيًا، يجري تحريكها بحسب أهداف سياسية لدول أخرى.

ويرى بعض الخبراء أن من بين التقنيات أيضًا استحداث حالة فوضى في مواقع الصراع بين أطراف محلية، تتيح للدول الكبرى التدخل وتوجيهها لمصلحتها.

ومن التطبيقات العملية لهذه النظرية ما حدث في العراق عام 2003 وثمة وجهة نظر ترى أنّ “الربيع العربي” هو أحد هذه التطبيقات ويري البعض وأن إغراق المناطق المستهدفة بالمخدرات أحد الأسلحة لحروب الجيل الخامس، فالاساليب عديدة ومتنوعة ووعي وادراك المواطنيين هو الحافظ للامن القومي للاوطان”.

تحيا مصر

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى